الجمعة، 9 مايو 2008

الطرب الحجازي/14



الطرب الحجازي/14
الحلقات السابقة شملت قواعد الفن الحجازي الصرف حتى بلغنا مرحلة طارق وعبدالله محمد هذان الطودان هما ركيزتا النقلة الأولى ,إن الفن الحجازي بهذين العلمين لبس ثوبا جديدا ولكن دون أن يخرج عن أصالته ,الموسيقى لغة عالمية ,الموسيقى لغة لا تحتاج الى مترجم مهما اختلفت أممها فهي تحس في الشعور وألا شعور ماكان منها صافيا هز سامعيه أيا كان مصدره ,دعوني أقول لكم :الموسيقى هي لغة الكون وهي هبة الخالق ’الموسيقى هي إطلاق اهتزازات ذبذبية إيقاعية تدور كل مفردة في مسارها في تسلسل متناغم تستريح له النفس
الموسيقى هي تغريد العصافير هي خرير الماء هي انسياب النسمات هي زئير الوحش وثغاء الحمل هي هدير الرعد واهتزازات الهواء من ملامسة قطرة المطر للأرض ,هي ذلك الصوت الذي تحسه عندما تتفتح الزهور هي تلك القطرات من الندى عندما تسيل على خد ألجوري عندما يفتقه برد الندى فيبث حديثا كان قبل مكتما ,الموسيقى هي تنوع خفقات القلوب بين قلب أم حانية تعاقب إيقاعاته تبعا لحالة شعوره ,هي خفقة قلب محب صامته ولكنها تبعث بتيار خفي ينطلق ليحوم حول قطبه ,هي أنة المكلوم ,هي عزاء المظلوم ,هي سلوه المحروم.
يقول فيثاغورث ذلك الفيلسوف الرياضي الموسيقي الذي درس على يد النبي سليمان عليه السلام :درست العلوم فانتقلت منها الى الفلسفة ثم إلى الرياضيات وهي الفلسفة المجردة كما عرفها فيلسوف القرن برتراند راسل في مؤلفه العظيم فلسفة الرياضيات يقول فيثاغورث حتى قادتني الرياضيات الى الموسيقى ومنها سمعت حفيف الأكوان وكيف سيرها الخالق على إيقاعيات ودرجات فيسير كل منها في فلكه وله حفيف يدق عن سمع من لم يبلغ تلك المرتبة .
أحسب أني انفلت شعاعا وحلقت وانا الطير مقصوص الجناح ممن يستطيعون الانفلات من ربقة الجاذبية فأصروا على قص الأجنحة .
عندما يمرغ وجهك في الطين والقذارة وتنتصب واقفا فلا تمسح وجهك فهذا أنت.
دعونا نعود الى صف ألحكي وتثبيت شيئا من التاريخ نلتقط منه البقايا التي بقيت بعد أن مرغ.
إن لكل محيط مجتمعي محيط حوله يؤثر فيه ويتأثر به ,إن محيط الحجاز هو اليمن ومصر والسودان ,كان تأثر الطرب اليماني بالطرب الحجازي وتأثر الطرب الحجازي بالطرب اليماني كبير جدا بل ويكادان يمتزجان في مناح كثيرة ,كذلك الطرب المصري ولكن بدرجة أقل من الطرب اليمني والطرب السوداني الأقل تأثرا وتأثيرا من الجميع لاسيما وأنهم في السودان يعتمدون على السلم الخماسي ’وكما سبق لست هنا مدرس موسيقى ولكن:
(خذ من عبدالله وتوكل على الله).
برز تأثر طارق وعبدالله محمد بالطرب اليماني كما إنهما أثرى فيه .
كان عبدالله محمد أول من خرج بالطرب الحجازي الى خارج الحدود ففي تلك الفترة فتح باب بيروت وهيهات له من باب فكان أول المغردين علي مسارحه وأول من أسمع الفن الحجازي للشوام والشام وبيروت كانت محجة عباد الله من كل لون حيث أوصد باب أم الدنيا الا لمن .
سأتوقف هنا لأتحدث عن فنان له قلب صقر وروح كناري وطبع بدوي تحضر,هو كالحصان الذي لا يعسف ولم يعسف و يملك من المواهب مواعين لو ركز على أحدها لكان عين الشمس ولكن طموحه جعله كل شيء فلم يبق شيء .إنه ذاك الرجل الضخم الجميل المحيا الكريم الطبع والنفس الذي لم أجد من يشبهه إلا عزيز آخر هو عبد الرحمن الجعيد ولكن عبد الرحمن كان كما قال المتنبي :
وإذا كانت النفوس كبار ****** تعبت في مرامها الأجسام
لن أزيد.مطلق كان فنان أصيل اشتهر بالأغنية الشهيرة (يالله أنا طالب حمرا هوى بالي )وهي من قصيده لوالده العم مخلد .وقد غناها وأصر أن يعزف(صولو الكمان وصولو العود )ومن يقول للغولة عينك حمرة ووافق البيه على كل ذلك ولكن ,هنا لكن,اختلف طارق ومطلق على أغنية (تعلق قلبي طفلة عربية )وهي التي قيل أنها من قصائد امرؤ ألقيس وأنا أقف هنا مع عميد الأدب العربي "طه حسين "في الشعرالجاهلي ,فقد عرضتها على ميزان العم طه فطلعت عندي فالصو ,وأنتم "كيفكم "كلا حر في موزه ,المهم اختلف طارق ومطلق كل يدعي وصلا بليلى ,كلا منهما يدعي أنه ملحنها ,وأستشهد مطلق بالفنان المصري)محسن سرحان وشهد محسن أنه سمعها من مطلق في الأردن ,على فكرة محسن سرحان قبيلي وإن كنت وأنا القبيلي لا أعتد إلا بالإسلام ,كثير يحسبون أن ليس بقبيلي بل عربي إلا هم ,رحم الله الشيخ عبدالله بن دخين وهو من كبار النسابة وقد زرته في قريته عندما تفرغت لعلم الأنساب وكان رحمه الله يملك ما يسمى (العلب)وهي تحوي الأنساب ويأتون له من كل أنحاء العالم وختمه معتمد في جميع الدول العربية إذا أتاه رجلا يطلب نسبا أما قال له لا أعرف أو أعطاه ورقة نسب ,عندما قلت له يا عم عبدالله (أعطني العلب ننقحها وننشرها )قال:أنت "غر,يا ولدي خل الناس في حالها من جانا عطيناه هذي فيها قرابات ومواريث "فسكت حيث تيقن لي أنني "غر"ولا زلت,المهم بقيت الأغنية بدون أب معروف ,وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
كوكوكوكو

ليست هناك تعليقات: