الأربعاء، 28 مايو 2008

الطرب الحجازي/20

اللهبي الطرب الحجازي/20 أرأيتم هرما من الثلج يكاد انعكاس الضوء عليه يخطف الأبصار خرج ذرة رمل و ارتوى من الماء الزلال ثم تجمد حتى أصبح هرما ولكنه من الثلج ولما عاد حسب كل من سمع به أنه سيروي الضماء ولكنه قطر قطرات ثم بدأ يذوب وبسرعة حتى تناهى في الصغر وكان المتوقع أن يكون مدرسة فتحول الى كتاب.ذلكم هو غازي علي الذي أول ما استمعت إليه كانت أغنية كتغريد الطيور ومعه رديفه فيصل غزاوي والذي درس الإخراج والأغنية على ما أحسب (يا زهرة الوادي)يغنياها سويا وكان قد عاد من دراسة الموسيقى في المعهد العالي للموسيقى بمصر(الكونسر فتوار)وقلنا عند عودته كما قال محمد فوزي على ما أعتقد في أغنيته الشهيرة في زمنها (يا صحره لمهندس جي ,لمهندس جي) ونام المهندس وبقيت الصحراء بلقعا ,قلنا جاء الرجل الذي سيطور الطرب الحجازي على أسس مدروسة وسيرتقي به وإذا به تمخض فولد حفنة من الأغاني لعل واسطة العقد فيها (أسمر حليوه****حليوه مخاصمني***جماله هوه****هو اللي ضالمني )وغناها ذلك الذي سيكون لي معه شأن وأي شأن ,إنه كوكب الطرب الحجازي طلال مداح,بعد هذه الأغنية دخل غازي على سامحه الله في نفق طواه حتى غيبه أو كاد ولكن صديقا لي أخبرني أنه افتتح ما يسميه معهدا لتعليم الموسيقى وأنا لا أسميه الا كتاب ,فكلمة معهد كلمة كبيرة ,صحيح أنها تحتاج الى دعم من الدولة أو دعم من المجتمع ,أما الدولة فانا حمدت الله كثيرا أن يدها الكريمة لم تمر على هذا الجانب تأصيلا وأما المجتمع أهل الفن الحجازي فهم بين مقيد أو متنكر ,أما المتنكر فقد تنكر للمجتمع الحجازي كلية وقد يكون في ذلك الخير كل الخير وأما المقيد فله عذره وفد درس فتية من الحجاز الموسيقى فما كانوا نعمة عليها بل كانوا وبالا فخبت أنوارهم وتلك لعمري غنيمة ما بعدها من غنيمة ,كما يقول أهل الحجاز ما دامت الولادة تولد فيكفي من حافظ على الموجود حتى لا يدرس وإن كان العادون عدو ولكن الأصل ثابت في الأرض (ولا بد من صنعه وإن طال أم سفر).سأنقلكم الى مليح المحيا خفيف الروح عذب العطاء من الأصايل ولكن مهامه أخذته بعيدا عن الفن وما تفرغ له الا بعد أن استنفدت طاقته في عمله ولكنه أعطى عطاء جميلا رائعا له أغنية عندما كان على رأس عمله ولكن لهيب الشباب أنطقه إنها أغنية(سمراء رقي للعليل الباكي)وغنتها محتلة الساحة في زمنها الفنانة (هيام يونس)والتي كان العزيز بدر كريم كثير إجراء المقابلات الإذاعية معها وتحمله مشاق السفر الى بيروت للقيام بتلك المقابلات التي حسبت أنها ستتحول الى مسلسلات ولكن الملك فيصل رحم الله موتانا أخذه تحت جناحه فلم يعد لديه مجال (للفرفصة) أعرفتم ذلكم المطرب الجميل الذي أتحدث عنه ؟إنه جميل محمود (حلو كتير)كان جميلا اسم على مسمى وكان يعمل معه حبيب قلبي عبدالله مرشدي في فترة من الفترات في ذات الدائرة وويل لمن يقع بين الاثنين ,كانا يملآن الجو حيث اجتمعا بهجة وسرورا ,بعد تقاعده قام بعمل يشكر عليه وهي جلسات طرب يركز فيها على الطرب الحجازي الأصيل يقدمها التلفزيون السعودي ,لاأدري هل حفظت وأرشفت وأنا على حد ما أخبرني صديق عمل في وزارة الإعلام أن التوثيق لديهم بالتوفيق والتساهيل حالها حال الوثائق تعتمد على قاعدة الانتقائية ,ثم قام جميل الجميل بجمع أهل اليماني والدانة وهي من قواعد الطرب الحجازي وتغني بشكل جماعي ولا تستخدم فيها أي آلة وإنما تستخدم الكفوف وبإيقاع جميل ولا يسمح لأي أحد بالمشاركة إلا أن يكون عالما بفن (الكف)وقد يشارك من لا يحسن (الكف) ولكن بشرط أن يجمع كفه على شكل (جمع)روحوا اسألوا يا اللي ما تعرفوا معنى (جمع )وكان معه المريعانية من سوق الليل وهم فرقة مستقلة أذكر منهم الأخوين المريعانية والعم عمران بيطار وزكريا أمان وغيرهم وكان لهم فرقة شبيهة بالطائف كان عمدتها المطرب الأنيق الرقيق أحمد بن ردهان ومن مجموعته محمد حبسي الشهير (بعنكوش )ومجموعة كبيرة وتلكم التي تحتاج الى دارس يقوم على دراستها وتطويرها دون أن يخرجها من ثوبها وكما قلت (لابد من صنعه وإن طال أم سفر).اسمحولي أن أذكر ذلك الفنان الأصيل ذي الصوت الجميل والأداء المبهر وعازف العود القدير والذي كان من مدرسة الخفاجي أستاذ المطربين وكنز العارفين ,هذا الفنان الجميل جاء في غير وقته جاء في زمن الانحدار المرتفع زمن ما سأروي لكم عنه ما يشفي غليلي زمن (البترو طرب)’إنه المطرب المبدع يحي لبان كان أنيقا في كل شيء ,في طربه,في لبسه,في ابتسامته ,في حديثه,في أدبه ,وكان يرافقه أخوه علي ولي مع علي قصة لو قرأ على كلامي لاستلقى من الضحك وكان معنا الأنيس الونيس من خرجت من العمر بصداقته إنه الأستاذ عبد العزيز لولو بيطار وينطبق عليه قول الشاعر. وإذا صفالك من زمانك واحدا نعم الصديق وعش بذاك الواحد وعندها أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. كوكوكوكو

الاثنين، 26 مايو 2008

دماء ودموع وضحك

دماء ودموع وضحك

علمتني الحياة أنه مهما كان الظرف قاسيا والمصيبة كبيرة والخسارة فادحة والمأساة مروعة فإن هناك جانبا ولو بسيطا يحمل روح المضحك أو كما يقال (الكوميدي)وكذلك بالعكس فإنه مهما كان الموضوع مضحكا وساخرا فلابد وأن يكون فيه ولو لمحة مأساوية أو محزنة أوكما يقال (تراجيدية ).
للتدليل على صحة رؤيتي سأروي بعض المواقف الحقيقية التي رويت لي من ثقات أو كنت شاهدا عليها .
من النوع الأول :عندما اجتاح الأعراب مدينتي تربة والطائف مدفوعين بدافعين ,الأول الغزو والغنيمة كعادة الأعراب ,والثانية تنفيذا لقناعة نتيجة الشحن النفسي المدروس الذي شحنوا به بأنهم مقدمون على غزو كفرة دماؤهم و أموالهم و أعراضهم حلال ,قاموا بتنفيذ مذبحة وسلب ونهب واعتداء على الأعراض تعتبر من أشنع ما يروى كما أثبت ذلك شهود عيان ومنهم الكاتب الكبير أمين الريحاني حيث صادف تواجده في الطائف .
الموقف المضحك في هذه المأساة ما وقع لأحد المصطافين وكانت سنة كثر فيها المصطافين وأكثرهم من أهل مكة المكرمة ورجال الطائف كان ألغالب منهم في مكة يعملون ,هذا المصطاف كان هو الشيخ عبدالقادر شيبي وهو عميد أسرة بني شيبة في تلك الفترة وهم سدنة بيت الله الحرام ,هاجم أحد الأعراب الغزاة وكانوا يطلقون عليهم في الحجاز (المدينة)بكسر الميم وفتح الدال وتشديد الياء, او(الغطغط)عندما هاجم الإعرابي الشيخ قائلا تشهد, صاح الشيخ باكيا فقال له الإعرابي (ويش يبتسيك وأنت رجال )قال الشيخ رحمه الله :أنا لا أبكي خوفا من الموت ولكن أبكي على العمر الذي ضاع مني قبل أن أسلم على يديك ,فتركه الإعرابي ونفذ الشيخ بحياته .
الموقف الثاني كان مع العم (بكري الطويرقي )وأنا أعرفه وسمعتها من فيه,قال:عندما اجتاح الأعراب المدينة كنت على اعلم بخوفهم من الجدري حيث كان يفتك بهم وكان في بيتنا دبس وعدس ,يقول: فقمت بدهن كل من في البيت بالدبس ونثرت عليهم العدس الأسود وانطرحنا في مدخل البيت وعندما فتحوا الباب صحت(مجدور ين ...مجدور ين)أي مصابين بالجدري فهربوا لا يلون على شيء و أنجانا الله,ولعمري ليس هناك ما يثير الضحك في قمة المأساة كهذه الروايتين ,أنوه أن تلك الفئة الظالمة سلط الله عليها من فتك بها فتكا شديدا في موقعة السبلة فسبحان المنتقم الجبار الذي لا يغادره حال ,العجيب أن أهل الطائف ومنهم والدي رحم الله موتانا كان يروي لنا القصص ويردد أن (من عفا واصلح فأجره على الله )بالرغم أن والدته قتلت عندما هاجموا بيتنا وكان من أوائل البيوت التي دخلوها, قتلوها عندما وقفت بينهم وبين زوج إبنتها والذي كانوا يريدون قتله بالرغم أنه مصاب بالفالج ومشلولا شللا رباعيا فأطلقوا عليها النار فسقطت في حضن ابنتها وهذا ما روته عمتي لي رحم الله موتانا ,أقصد بالرغم من ذلك فأهل الحجاز لا يحملون الحقد ويصدق عليهم قول الشاعر:
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب ***** ولا ينال الرضا من طبعه الغضب
أما رواية الجانب المضحك والذي يحمل في طياته مأساة فقد حدث في ضاحية (وادي محرم ) كل من سار في طريق الطائف مكة المكرمة عن طريق الهدا يمر بوادي المحرم ويصعد العقبة المسماة(النقبة الحمراء)وكان الطريق القديم ضيقا وتصادف أن أحد السيارات اصطدمت بركن الجبل وبها عائلة وأصيبوا بإصابات خفيفة وتجمعوا أمام سيارتهم وذهب أحد السائقين المتجهين للطائف وأبلغ مركز الإسعاف بوادي المحرم بجوار المسجد ,كان في مركز الإسعاف سائق ومسعف ولكنهما مشهورين (بالعجلة والصرعة )فامتطيا سيارة الإسعاف وطيران وكأنها الصاروخ الذي يحمل مكوك الفضاء ,ومن عجلتهم وصرعتهم اصطدما بالسيارة التي يريدان إسعافها من الخلف وانقلب الإسعاف وسقط في الوادي نتج عن الحادث وفاة ثلاثة من أصحاب السيارة المراد إسعافها والمسعف وتكسر سائق الإسعاف وعاش مشلولا شللا رباعيا حتى مات فكانت كوميديا مبكية ولله في خلقه شؤون.

الأحد، 25 مايو 2008

اللهبي/الطرب الحجازي/19

عبدالرحمن محمد حمدان اللهبي
الطرب الحجازي/19

قلت في الحلقة السابقة أنني سأسرد نبذ عن مطربين كان منهم المجيد ولكنهم لم يتركوا أثرا يذكر ليس لنقص في قدراتهم ولكن لأسباب أغلبها شخصية فمنهم من كان مغرقا قي المحلية وأقصد بها مساحة الانتشار وآخر منشغلا بغير الطرب وكان الطرب لا يأخذ الا حيزا ضيقا من اهتمامه وغيرهم من انطوى على نفسه وسأتحدث عنهم دون مراعاة التسلسل التاريخي أو الدرجة الفنية ,سأبدأ بالفنان فرج مبروك ولقد كان فرج لطيف معشر سامي الخلق برز فترة انتشار أغنية (الأسطوانات )وكانت تطبع في البحرين واليونان ولا أقصد الأسطوانات القديمة والتي كانت أشهر شركاتها (بيضا فون)وصوت الفن التي كان يملكها الموسيقار محمد عبدالوهاب وعبد الحليم حافظ وأعتقد رياض الهمشري والتي كانت تستخدم مع (القرام فون )يسموها في الحجاز (شنطة ألغنا وقد أشرت إليها سابقا ولكن ما أقصدها هي الأسطوانات الصغيرة الحجم (32لفة)وتدار ب(بالبيك آب )وهو من أحفاد (القرام فون)الذي يدار بالزنبرك بينما يدار ألبك آب بالبطاريات أو الكهرباء وقد غزت الأسواق وتاجر فيها خلق ومنهم من أصبح من الأثرياء وهي تماثل الآن شركات الإنتاج الفني ولكنها على براءة وليست متغولة كشركات الإنتاج الحالية والتي أصبحت تتحكم في الفن وترفع وتخفض من تشاء تخفض المجيد وترفع الوضيع ولي معها وقفة إنشاء الله ,أعود لفرج المبروك والذي اشتهر بأغنيتين هما (قلبي فدا قروه)من كلمات حبيبي محمد بن نمشان والتي كانت (بيضة ديك)ومن كلماتها "قلبي فدا قروه****واللي سكن فيها ***يا ويل من يهوى **روحه يعنيها
والأغنية الثانية (قال الفتى خوحسن)وفيها روح حضرمية وسبق أن قلت أن الطرب الحجازي والحضرمي ممتزجان وكان لفرج شقيق يدعى سالمين يعزف على المزمار وهي آله نفخ ولكنها بمبسمين ولا زالت تستخدم في حضرموت واليمن حتى الآن ,ثم هناك المطرب (كمال قاضي)ويعرف بالسمكري وكان حدود شهرته مدينة الطائف ليس له لون مميز ولكنه محب للطرب مجتهد وليس كل مجتهد مصيب وكذا المطرب (أسعد حربي )ويسري عليه ما يسري على كمال وكذلك (محمد التوعري)و(سميرباشا )وكان يلقب باسم زوج والدته ثم (محمد سراج )وكان متميزا وقد كاد ينتشر وسافر الى لبنان ومصر وله أسطوانات وأخوه نجيب كان يعزف على القانون ويغني أحيانا ووالدهما كان من عشاق الطرب وعبد الإله لولو البيطار وهو مغرم حتى النخاع بالطرب ولا زال ثم (سعود زبيدي)ولكنه لم يكن يملك أذنا موسيقية وأحسبه وصل الى منصب مساعد أمين عام الجامعة العربية وأخوه زكي زبيدي وكان أكثر منه إجادة ,أذكر كذلك ذلك الفنان الأنيس الخفيف الظل المرح الروح البدوي الرقيق إبن السيل الصغير ,إنه (مسفر القثامي)فنان أصيل تغنى بالحان بدو الحجاز المرحة الراقصة ,لقد ملأ ساحة الفن وكان نجما في كل مناسبة شارك فيها وإن كانت تربطني بكل من ذكرت من المطربين صلة متفاوتة ولكن مسفر كانت تربطني به صلة قربى وود عميق ونسب ونسبة وتناسب ومثله من المطربين بدويي النشأة والطباع ولكنه كان مطربا على أضيق الحدود يطفح مرحا ويصبغ المجلس بروح المرح زيادة على أنه من أبرع من يطبخون "السليق"وهي الأكلة الحجازية الشهيرة, إنه المطرب "النشمي"ضيف الله الوقداني وأكثر من ذكرت في هذه الحلقة قليلا جدا من يعرفهم و من الجائز أن يكون البعض منهم لا يزيد من يعرفهم على عدد أصابع اليد ولكنهم يملكون أصالة المطرب وصدقه وروحه عشقوا الفن للفن فقط لا سعوا وراء مال ولا شهرة مثلهم مثل الأوائل الذين شرفت بإيراد أسمائهم إن أكثر من أوردت قد انتقلوا للدار الآخرة وقليل منهم من بقي على قيد الحياة ويشهد الله أنهم كانوا محبين للخير محبين لله ورسوله عليه أزكى سلام يؤدون ما عليهم غادروا هذه الدنيا ما تركوا خلفهم الا الذكر الحسن ولا يرد اسم أحدهم الا ويترحم عليه ممن يعرفون الله دون تكلف أو مماحكة,وستفتح مناطق في المخ لتطفوا على السطح خلايا تحتفظ بأسماء كبيرة جميلة لا سيما وأنا لا أستعين بمرجع وليس أمامي خيارات ولا أستعين بصديق رغبة مني في الاعتماد على الله أولا ثم على ذاكرتي لأكتب متجردا من أي تأثير وأكتب بجهد طاقتي من الحيدة والصدق ولكن وبدون سابق إنذار أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .
كوكوكوكو

الخميس، 22 مايو 2008

الطرب الحجازي/18

عبدالرحمن اللهبي
الطرب الحجازي/18
كنت سأبدأ كلامي بكلمة (سأسيح بكم)وهي كلمة عربية فصيحة وردت في القرآن الكريم (قل سيحوا في الأرض)الآية ولكني استدركت لأن هذه الكلمة أخذت مدلولا آخر ولما أني من أهل الطائف حتى النخاع بالرغم أن الأستاذ عبدالحي كمال أغفل بيتنا في كتابه عوائل الطائف لخلافه مع والدي رحمهما الله ما علينا .قلت أن كلمة (يسيح تأخذ مدلولا آخر يعرفه أهل الطائف)وأهل الطائف مشهورون (بالمحشات )كما أهل مكة المكرمة مشهورون بالكلام اللاذع وتلك سمة ليست بجديدة ولقد تتبعتها زمنا فوجدتها تعود الى العصر الجاهلي وسأضرب مثلا على ذلك ,سأبدأ بأهل مكة المكرمة ,عندما قدم عثمان بن مسعود رضي الله عنه على سيدي رسول الله عليه أزكى سلام وكان الصحابة رضي الله عنهم حول سيدي رسول الله عليه أزكى سلام وبدأ النقاش بين سيدي رسول الله عليه أزكى سلام وعثمان رفع عثمان صوته وأغلظ في الكلام وكان سيدي أبو بكر الصديق رضي الله عنه واقفا صاح في عثمان (اذهب ومص بضر اللات)وعليكم فهمها وأما أهل الطائف و المحشات فإنه لما قدم سيدي رسول الله عليه أزكى سلام الى الطائف يدعوهم ذهب الى (بن عبد ياليل )وهو من كبار ثقيف يدعوه فرد عليه بقوله(أمرط ثياب الكعبة)وعليكم فهمها ,المهم خشيت من إيراد كلمة (أسيح)فيقول أهلي أهل الطايف (ساح الوجيه) فقلت أبعد عن الشر وغنيله,سأستبدلها بكلمة (أجول).سوف أجول معكم بستان من الطرب ,مطربون ملؤا سماء الحجاز شجوا منهم من اشتهر انتشارا ومنهم من كان محدود الانتشار .هنا سأستدرك أمرا ,لقد جزأت الطرب الى مراحل وبدأت بالعم حسن جاوة و فاتني أنه سبق العم حسن اثنان كانا ركائز أما الأول فهو أبو عمر وهذا قلة من يعرفون عنه شيئا ولكنه كان على عهد(كامل الخلعي و محمد عثمان في مصر )وهما كانا على عهد التغيير بعد الحملة الفرنسية (وعليكم الحساب)والآخر هو الشريف هاشم وله (اسطوانة)ولن تجدها إلا عند خزينة الفن الحجازي في أكبر مكتبة فنية إنه (سيدي إبراهيم خفاجي )الذي وددت الكتابة عنه ولكني وجدت قامتي لا تطاوله وأقصر عن إعطائه حقه وأتمنى ألا تذهب مكتبته بعد عمر طويل كما ذهبت مكتبة أبي تراب الظاهري رحم الله موتانا تلك المكتبة الزاخرة بنفائس الكتب وكان لي شرف زيارتها فلقد كانت لي صلة بذلك الطود الجليل الذي ما أنصفه إلا خير الدين الزركلي والذي تشرفت بزيارته واستقباله في بيتي في الطائف ,أنصف أبا تراب في موسوعته الأعلام , لقد عرض ابنه المكتبة للبيع ولم يتحرك أحد من أثرياء الحجاز لشرائها وضمها لمكتبة جامعة من جامعات الحجاز بئس الرجال هؤلاء التجار ولقد اشتراها الصديق الدكتور أحمد العيسى وهو من أهل القصيم أهلنا الكرام وفتح أبوابها لكل طالب علم يبحث عن فائدة ومثله لعمري هم الرجال ,وإن مد الله في عمري كتبت عن مكتبات الحجاز الخاصة والعامة والتي ذهبت أدراج الرياح لقلة الرجال.معذرة عن تشعبي فهي متلازمات ولكن أعود فأقول أن الترتيب كان عم حسن ثم طارق وعبدالله محمد وهنا سأروي عما بينهما وهم الذين قلت قبل ملؤا سماء الحجاز .ولكنهم لا يمثلون نقلات ولكن حافظوا على ما وجدوا ,سأبدأ بالفؤادين وأحسب أن القليل من يعرفهما وكذا من سيتبعهما من أسماء حتى أصل الى النقلة الثالثة وهو.....الفؤادان هما فؤاد زكريا والثاني فؤاد بنتن ,الأول كان كالنحلة حركة و (كالنغري)وهو أجمل الطيور تغريدا في الحجاز كان مغردا خفيف الظل كان الحبيب طلال مداح يرافقه ليعرف ,كان فؤاد ومطلق لا يستقر لهما قرار وكان مطلق بسيارته أعتقد(دزتو)الحمراء ونادرا من يمتلك سيارة كان يمر بي ومعه فؤاد ويطير بنا الى الشفا ولم يكن هناك طريق ممهد وما أصبر السيارات على مطلق ولكن الحيوية والشباب والروح الجميلة لا تحسب لغير الله حساب كأن فؤاد زكريا جميل الصوت متمكن من الأنغام حافظا للأغنيات يأسرك إذا غنى ولو شئت لاستطردت ولكن ,لم تمهل الدنيا فؤاد زكريا فودع الحياة في ميعة الصبا أما الفؤاد الآخر فهو فؤاد بنتن وكان هادئا كهدوء الصحراء راسيا كالجبال الرواسي لطيف معشر, المرح عنده في أضيق الحدود والجد عنده في أوسعها كان يطرب إذا ضرب على العود ,العود طوع بنانه والنغم ينقاد له انقيادا كأنه أسيره غير محب للظهور مقتصد في اجتماعاته محدود في محيطه ولكنه يجيد أجمل وأقدم الأغاني بصورتها دونما رتوش يجعلك تصغي وأنت تراه محتضنا العود مائلا برأسه وكأنما هو حضن يريح رأسه عليه والعود في أحضانه تقول معشوق وعاشق,سوف أنطلق إنشاء الله بعد هذه الحلقة لأورد أسماء ما أعرف عن كل من غنى وعزف حتى أصل الى الركيزة الثالثة ولكن في هذه اللحظة أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح . كوكوكوكو

الأحد، 18 مايو 2008

الطرب الحجازي /17

عبدالرحمن حمدان اللهبي


الطرب الحجازي/17
عمر كدرس !!!!!عمركدرس؟؟؟؟؟عم ركدرس ,عالم مستقل بذاته ,كبير في كل شيء الا في الحظ.
أول ما شاهدت عمر كدرس وأصغت أذناي لروح عمر كدرس كان ذلك في حفل أقيم بنجمه ,نجمه ذلك البناء الأثري الذي بناه الشريف عون الرفيق وله تاريخ قد يجود الزمن وأرويه ذلك الهيكل الرمز الذي حول الى مدرسة ثانوية وكانت يقال لها مدرسة نجمة ونقلت لها مدرسة دار التوحيد وهذه المدرسة قصة ولا كل القصص وأنا اعلم من دقائقها ما يباح وما لا وكذا قد يكون لي عنها (كلام كتير)نجمة ,نجمة,طمس ذلك الاسم وسميت مدارس دار التوحيد ,سرى عليها ما سرى على غيرها عندما تصبغ الأشياء بغير لونها سيعريها الزمن ليعود لونها ورسمها على ما كانت .
أقيم ذلك الحفل بمناسبة وصول الملك سعود للطائف كعادته كعادة أبيه في حب الطائف وأخيه الذي حل محله ومن تلاه حتى صرف النظر عن الطائف وقد كان مركز الدولة فأصبح من مهملاتها ,كان حفلا بهيجا شاركت فيه كل حواري الطائف وأقيمت الزينات وقد صنع العم أمين كردي (ويطلق عليه الأشقر أو السمكري )يعاونه بن عمي حسن رحم الله موتانا صنعا هيكل طائرة يسير على واير ذهابا وإيابا وكانت الزينات وكان يحيي الحفلة تلك الليلة البيه (طارق)وثلة من المطربين وكانت قبيل شهور عنت سيدة الغناء العربي أغنيتها الخالدة(حب إيه الي إنت جاي بتؤول عليه)وكانت من الحان بليغ حمدي وكلمات محمد حمزة كانا لا يتجاوزا السابعة عشر من العمر نقلت مسيرة السيدة الى عالم جديد وكان ذلك بعد خصامها مع كنز الفن الأستاذ رياض السنباطي الذي جاد علي الزمن بالجلوس معه بمعرفة الصديق الشاعر أحمد فتحي شاعر(يسهر المصباح والأقداح والذكرى معي) ولدي ديوان شعره مهدا منه لرياض ومن رياض لي وبخطيهما وقد أسوق يوما قصصي مع هذا العالم العجيب ,
غنى ليلتها البيه(طارق)أغنية "حب إيه وكان للأغنية مقدمه "صولو"عزف منفرد على الكمان وإذا بذاك الأبنوسي البهي الذي يرتدي بنطالا كحليا وقميصا أبيض وقد ثني أكمامه واحتضن كمانه وأنطلق يناغي القلوب بذلك العزف الذي أوقف الناس مشدوهين ,ذلك أول يوم أري فيه ذلك العلم ,لقد كان عمر كنز مقفل لم يجد من يعرف مفاتيحه توطدت علاقتي به ,عمر فنان بكل ما تعني هذه الكلمة تنبعث روحة محلقة في ساعة صفا (ليست تلكم) ساعة صفا عندما يلتقط عوده و يبكيه ويضحكه ويسكره عشقا ويعبر به بحرا في شقة صغيرة بدور أرضي وقد أضاء لمبة بلون أزرق داكن نكاد نحبس أنفاسنا حتى لا تزاحم جمله الروحانية وهو مطرق كأنما يحلق عاليا تساقط اللآلئ من بين أنامله تلك متعة لا تماثلها متعة ولقد جئت وصديق نبحث عن محمد عبده وكان لديه سيارة bm يطوف بها كالمدوان طويل حبل الانطلاقة حتى وجدناه وذهبنا لعمر في ذلك المكان وكان في أجمل ساعات تجلياته .عمر من كبار عازفي العود لا يقل كفاءة عن منير بشير ولا نصير شمه ولكنه وجد في غير مكانه لحن أجمل الألحان واحتضن محمد عبده فهو وحببي إبراهيم خفاجي هما اللذان صنعا محمد عبده .
ما نال عمر ما يستحقه ,صدق من قال :من لا يعرف الصقر يشويه ,رحم الله عمر فقد كان علما عاش علما كريما عزيز النفس ما تذلل ولا نل ولا نافق ولا باع فنه ولا جامل فيه لم يكن انتهازي يكفي من عمر لحنه المشرق
(زل الطرب يا موجع الطار بالكف)غناها من سيكون بعده في السيرة وحتى نفتح صفحة صاحب الود والمودة أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
كوكوكوكو

الأربعاء، 14 مايو 2008

الطرب الحجازي/16


منبر الحوار و الإبداع » المنتديات » منبر الحوار » وجهات نظر المشاركة السابقة

» الطرب الحجازي/16
الكاتب: اللهبيالمشرفينالتسجيل : الإثنين 24-09-2007المشاركات : 576
حرر في الأربعاء 14-05-2008 12:24 مساء - الزوار : 0 - ردود : 0
عبدالحمن اللهبي الطرب الحجازي /16الشريف عبدالله جعفر ألمرشدي رحم الله موتانا فقدناه منذ شهور فقدنا الرجل الصالح المستقيم التقي النقي الذي لازمته دهرا ما رأيته قط إلا مبتسما أو ضاحكا, لا أحسب من عرف ذلك الرجل عرف الاكتئاب قط ,محب لعمل المقالب الجميلة البريئة ,التي يبقى الناس في ذكرها ولا تزول عن ذاكرتهم ,أذكر مرة الفنان الجسيس علي شيخ وكان رجل جهوري الصوت شجيه لا تملك إلا أن تصيح عند "المحط"إلا تصيح طربا "الله ,طيب"كان يجيد المجسات والمدائح النبوية وأشعار التذكير بالله والتي تسمو بروح سامعها وتدمي عينه رحم الله موتانا ,أقول أذكر للشريف عبدالله موقفا ضحكنا منه زمنا ,كان العم علي لا يعزف على آلة وكان يرافقه على العود الشريف عبدالله وأرافقه عازفا على الكمان وكان العم علي صاحب بطن وكنا في زواج صديق وهناك جمع من الأصدقاء وكان العم علي لا يطيق لمس بطنه ,وفي قمة أدائه قام الشريف بلمس بطنه برقبة العود فأنطلق العم علي ضاحكا وغاضبا فنهيت ألمرشدي ولكنه أعادها وما هي الا ثوان والمعركة محتدمة بينهما والشريف يضحك والناس تضحك حتى سكن غضب العم علي ,وأذكر أخرى حيث كنا في زواج صديق آخر وتأخر العشاء وكدنا نهلك جوعا وفجأة طلعت علينا تباسي السليق وإذا بالشريف يصدح بموال (زار الحبيب فمرحبا بالزائر).’كان ملازما لطارق وكما سبق وقلت البيه عسكري والعسكر دكتاتوريون ودونكم حكومات العسكر لذلك كان نصيبه من الشهرة محدود ولقد كنت وإياه دائما إذا وجدنا مزاج البيه طارق رايق نقول له (يا بيه:متى ستلحن لنا أبريت القرض والفحم ؟)فكان يغضب ويقول (قليلين حياء ما تستحوا ماهي غريبة عليكم )نصمت ولكن قلب البيه طيب فيعود ويبتسم ,هذا الرجل الشريف نسبا وخلقا قدم مالم يقدمه كثيرا من المتشدقين ,كان همه رعاية الشباب ,رعايتهم بحق ,كان يقول لي إذا لم نشغلهم سينحر فوا,أقام نادي وج وكان خلية من النشاط الرياضي والثقافي والموسيقي والفني والأدبي وكان يردد على مسامعي أن ليس المهم الفوز بالمباريات بقدر أهمية إشغال الشباب بالمفيد وكان يقيم الندوات والمحاضرات الدينية والإرشادية والحفلات المسرحية وكان يصرف من جيبه ومن جيوب خيرين معه وما كان من أصحاب الثروات فأصحاب الثروات ليس لهم في ذلك من خلاق ,وكنت أنا نائب رئيس نادي التضامن وننافسهم والمودة قائمة ثم كلفني الأمير خالد الفيصل عندما كان مدير عام رعاية الشباب بجمع أندية الطائف في ناد واحد وقمت بجمعها في ناد واحد بمعاونة أخي وقرة عيني محمد بن نمشان وأسميت النادي (عكاظ) وقد أغفل اسمي من كتب الرياضة في الطائف"مناحي القثامي"وهذا ليس مهم وبقيت رئسا للنادي فترة طويلة ,ثم لما أنشئت جمعية الثقافة والفنون تولى المرشدي إدارتها هو وأبو يعقوب وكانت هي الجمعية الوحيدة الناجحة الفعالة في الحجاز ولقد ودع الدنيا هذا الرجل وهو يحمل هموم الشباب والعمل على حمايتهم من الانزلاق مستعينا بالله وحده ,ليت أهل الطائف (أين هم ؟)يخلدون اسم هذا الرجل ولكن كما أسلفت الجواهر ستبقى وسيأتي اليوم الذي يخرج من يعرف قيمتها لينفض الغبار عنها وهذا هو السبب الرئيس من سردي ما رجوت فيه غير وجه الله بذكر أناس ساهموا في صون الأجيال قبل أن يتبدل الحال ويدرك شهرزاد الصباح فتسكت عن الكلام المباح. كوكوكوكو

الأحد، 11 مايو 2008

الطرب الحجازي/15


الطرب الحجازي /15

الطرب كالتيار الكهربائي يسري ثم يجتمع في مكثف ثم يسري وهكذا دواليك ,المكثفات هي نقاط التركيز وهي ألتي تعطي التيار طاقة الاستمرار ولكن قد يكون المكثف نعمة وقد يكون لعمه وقد يكون ........,ذكرت من المكثفات أبو عمر ثم حسن جاوة ثم طارق عبد الحكيم ثم عبدالله محمد ,سأتوقف عن المكثفات لأتحدث عن التيار الساري,دائما يكون المكثف المكثف هو البارز وحوله الكواكب التي تدور حوله وقد يكون بعضها في قامة القطب وقد يزيد ولكن لله في خلقه شؤون ,سأتحدث عن الكواكب التي كانت تدور حول الأقطاب ولن أميز واحدا عن الآخر ولكن أستطيع ان أمثلهم كالتالي ,هناك مطرب الزقاق,وهناك مطرب الحي ,وهناك مطرب المدينة وهناك مطرب المدائن ,لايعني التسلسل تمييزا ولكنه استطراد تسوقه الذاكرة على مروتها ,
سأبدأ بفنان أعطى الفن عمره وهو للحق مرجع في الأنغام درس على يديه كثر, منهم من ذاع صيته, كان ديدنه العطاء والعطاء فقط, لم يغنم من الفن قرشا واحدا فلم يكن همه, ولا صيتا ذائعا فلم يكن مطمعه, بسيط يعيش من كسب عرق جبينه, أعطى وأعطى ولا زال يعطي وقد تجاوز الثمانون من العمر وهو يعطي لجمعية الفنون في الطائف المأنوس ومعه رفيق دربه الذي غادرنا قبل شهور إلى الرفيق الأعلى لن أصرح عن اسم الرفيق ولكن سيكون عنه حديث خاص كحديثي عن هذا الشيخ الكبير في فنه الكبير في عطائه الكبير في نفسه الكبير بين محبيه إنه بالنسبة لي الأب والأخ والصديق والحبيب ولا يقل عنه رصيفه إنهما أجمل أيام عمري رجلان صادقان تقيان لا ينقصان من حقوق الله شيئا ولا يتأخران عن واجب لا تخرج من فيهما الكلمة النابية ولا تراهما إلا والابتسامة مرتسمة على محياهما رغم شظف العيش ,لقد كان الثمانيني يسكن في بيت لا يزيد عن غرفتين غرفة لنومه وغرفة لأصدقائه لقد كان صديق الكل ,كنا نجتمع في تلك الغرفة يزيد عددنا عن عشرة أفراد يجمعنا الحب في الله وعشق الفن ,لو مررت بجوار نافذة الغرفة لحسبت أن ما بداخلها حديقة غناء جمعت كل أنواع العصافير المغردة ,هذا بكمانه وذاك بعوده وهذا بقانونه وآخر برقه ومصقعه وآخر بطبلته ومعه صاحب طار, كلا يسبح في واد كأنما يعيش بمفرده في تلك الغرفة ,هي لوحة سيريالزم ولكنها صوتية وهذا يعدل لهذا وذاك يشيد بالآخر وفجأة تستمع لتلك الجوقة وإذا بها تنطلق بلحن واحد كأنما ينساب من القلب الى الوتر كل يعزف وكل يستمع ,آه على تلك الأيام كم كانت أيام لن يجود الزمان بمثلها (إن ذلك الطود هو أبو يعقوب )وذاك اسم الشهرة إنه يوسف محمد شريف, إنه الفنان الذي لا ينضب إنه نبع من الفن يعطي ولا يأخذ, فرق الدهر بين ذاك الجمع ولكن الحب الصادق مازال يعبق في القلوب وإن كان هناك بعض القلوب التي غيرها الزمن إلا هذا الرجل الرجل بكل معنى الكلمة لم يتغير رغم السنين فهو هو تقابله وكأنك ما فارقته قط ولكنه في زمن الفالصو لا زال بقيمته وإن أهمله المجتمع فلقد قال أستاذنا وشيخنا وعلامة الحجاز ,حسبن زيدان (نحن مجتمع دفان)وكم من الكبار الكبار أغافلناهم ولعل ذلك من حسن حظهم فمن يغفل هذا الوقت فهو الكبير حقا إذ من الانتقاص أن يصف الكبار بجانب الصغار عند زمن الصغار تألم القلب وفاض الدمع
و ذكرت أحبتي وديار أنسي***وراجعت الزمان بهم فضنا
وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح
كوكوكوكو

الجمعة، 9 مايو 2008

الطرب الحجازي/14



الطرب الحجازي/14
الحلقات السابقة شملت قواعد الفن الحجازي الصرف حتى بلغنا مرحلة طارق وعبدالله محمد هذان الطودان هما ركيزتا النقلة الأولى ,إن الفن الحجازي بهذين العلمين لبس ثوبا جديدا ولكن دون أن يخرج عن أصالته ,الموسيقى لغة عالمية ,الموسيقى لغة لا تحتاج الى مترجم مهما اختلفت أممها فهي تحس في الشعور وألا شعور ماكان منها صافيا هز سامعيه أيا كان مصدره ,دعوني أقول لكم :الموسيقى هي لغة الكون وهي هبة الخالق ’الموسيقى هي إطلاق اهتزازات ذبذبية إيقاعية تدور كل مفردة في مسارها في تسلسل متناغم تستريح له النفس
الموسيقى هي تغريد العصافير هي خرير الماء هي انسياب النسمات هي زئير الوحش وثغاء الحمل هي هدير الرعد واهتزازات الهواء من ملامسة قطرة المطر للأرض ,هي ذلك الصوت الذي تحسه عندما تتفتح الزهور هي تلك القطرات من الندى عندما تسيل على خد ألجوري عندما يفتقه برد الندى فيبث حديثا كان قبل مكتما ,الموسيقى هي تنوع خفقات القلوب بين قلب أم حانية تعاقب إيقاعاته تبعا لحالة شعوره ,هي خفقة قلب محب صامته ولكنها تبعث بتيار خفي ينطلق ليحوم حول قطبه ,هي أنة المكلوم ,هي عزاء المظلوم ,هي سلوه المحروم.
يقول فيثاغورث ذلك الفيلسوف الرياضي الموسيقي الذي درس على يد النبي سليمان عليه السلام :درست العلوم فانتقلت منها الى الفلسفة ثم إلى الرياضيات وهي الفلسفة المجردة كما عرفها فيلسوف القرن برتراند راسل في مؤلفه العظيم فلسفة الرياضيات يقول فيثاغورث حتى قادتني الرياضيات الى الموسيقى ومنها سمعت حفيف الأكوان وكيف سيرها الخالق على إيقاعيات ودرجات فيسير كل منها في فلكه وله حفيف يدق عن سمع من لم يبلغ تلك المرتبة .
أحسب أني انفلت شعاعا وحلقت وانا الطير مقصوص الجناح ممن يستطيعون الانفلات من ربقة الجاذبية فأصروا على قص الأجنحة .
عندما يمرغ وجهك في الطين والقذارة وتنتصب واقفا فلا تمسح وجهك فهذا أنت.
دعونا نعود الى صف ألحكي وتثبيت شيئا من التاريخ نلتقط منه البقايا التي بقيت بعد أن مرغ.
إن لكل محيط مجتمعي محيط حوله يؤثر فيه ويتأثر به ,إن محيط الحجاز هو اليمن ومصر والسودان ,كان تأثر الطرب اليماني بالطرب الحجازي وتأثر الطرب الحجازي بالطرب اليماني كبير جدا بل ويكادان يمتزجان في مناح كثيرة ,كذلك الطرب المصري ولكن بدرجة أقل من الطرب اليمني والطرب السوداني الأقل تأثرا وتأثيرا من الجميع لاسيما وأنهم في السودان يعتمدون على السلم الخماسي ’وكما سبق لست هنا مدرس موسيقى ولكن:
(خذ من عبدالله وتوكل على الله).
برز تأثر طارق وعبدالله محمد بالطرب اليماني كما إنهما أثرى فيه .
كان عبدالله محمد أول من خرج بالطرب الحجازي الى خارج الحدود ففي تلك الفترة فتح باب بيروت وهيهات له من باب فكان أول المغردين علي مسارحه وأول من أسمع الفن الحجازي للشوام والشام وبيروت كانت محجة عباد الله من كل لون حيث أوصد باب أم الدنيا الا لمن .
سأتوقف هنا لأتحدث عن فنان له قلب صقر وروح كناري وطبع بدوي تحضر,هو كالحصان الذي لا يعسف ولم يعسف و يملك من المواهب مواعين لو ركز على أحدها لكان عين الشمس ولكن طموحه جعله كل شيء فلم يبق شيء .إنه ذاك الرجل الضخم الجميل المحيا الكريم الطبع والنفس الذي لم أجد من يشبهه إلا عزيز آخر هو عبد الرحمن الجعيد ولكن عبد الرحمن كان كما قال المتنبي :
وإذا كانت النفوس كبار ****** تعبت في مرامها الأجسام
لن أزيد.مطلق كان فنان أصيل اشتهر بالأغنية الشهيرة (يالله أنا طالب حمرا هوى بالي )وهي من قصيده لوالده العم مخلد .وقد غناها وأصر أن يعزف(صولو الكمان وصولو العود )ومن يقول للغولة عينك حمرة ووافق البيه على كل ذلك ولكن ,هنا لكن,اختلف طارق ومطلق على أغنية (تعلق قلبي طفلة عربية )وهي التي قيل أنها من قصائد امرؤ ألقيس وأنا أقف هنا مع عميد الأدب العربي "طه حسين "في الشعرالجاهلي ,فقد عرضتها على ميزان العم طه فطلعت عندي فالصو ,وأنتم "كيفكم "كلا حر في موزه ,المهم اختلف طارق ومطلق كل يدعي وصلا بليلى ,كلا منهما يدعي أنه ملحنها ,وأستشهد مطلق بالفنان المصري)محسن سرحان وشهد محسن أنه سمعها من مطلق في الأردن ,على فكرة محسن سرحان قبيلي وإن كنت وأنا القبيلي لا أعتد إلا بالإسلام ,كثير يحسبون أن ليس بقبيلي بل عربي إلا هم ,رحم الله الشيخ عبدالله بن دخين وهو من كبار النسابة وقد زرته في قريته عندما تفرغت لعلم الأنساب وكان رحمه الله يملك ما يسمى (العلب)وهي تحوي الأنساب ويأتون له من كل أنحاء العالم وختمه معتمد في جميع الدول العربية إذا أتاه رجلا يطلب نسبا أما قال له لا أعرف أو أعطاه ورقة نسب ,عندما قلت له يا عم عبدالله (أعطني العلب ننقحها وننشرها )قال:أنت "غر,يا ولدي خل الناس في حالها من جانا عطيناه هذي فيها قرابات ومواريث "فسكت حيث تيقن لي أنني "غر"ولا زلت,المهم بقيت الأغنية بدون أب معروف ,وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
كوكوكوكو

الأحد، 4 مايو 2008

الطرب الحجازي/13

الطرب الحجازي/13
عبدالله محمد (عبده)(الدودحية)الأول اسم و ما يليه ألقاب ,عبده,هي اختصار متعارف عليه لما (عبد)بضم العين وتشديد الباء مع كسرها وتسكين الدال (حتى يخترعوا لنا لوحة مفاتيح تحوي جميع الحركات والتشكيل)عوالة,فالحين في ألحكي ,يالله (أنفس عن نفسي )محموق ,مخنوق ,على حد قول أحد أصدقائي من نجد
ضايز صدري أبيلي عطنطر,(دوروا على أحد يشرحلكم).
عبدالله محمد فنان أصيل ,خلق فنان ,مرهف الإحساس,كريم النفس ,عفيف,صادق,صديق,صدوق,مؤمن ,لا يعرف النفاق ,لا يعرف المداهنة ,كان يأتي بالكلمات فينطلق اللحن كأنما هو موجود مسبقا في شعوره ,كم لحن ولحن ,كم من الحان لم ترى النور ,ماكان يهمه ,لا الصيت ولا الغنى ,كانت تربطنا أنا وعائلتي من الرجال صداقة متينة معه ,حتى والدي رحم الله موتانا والذي كان متشددا بعقلانية في الدين يحبه ,كم من الألحان حضرت مولدها ,لدي أشرطة من الأشرطة القديمة لمسجل قرندق نجت من الحرق ولكنها تحتاج لإمكانيات فنية لإخراجها وبها الحان لم يسمع بها إلا نفرا قليلا وأنا ضنين بها .كان عبدالله محمد يجود بالألحان ,كان طلال مداح زميل دراسة وصديق وسيكون له موضوع مستقل ,وأوردت اسمه الآن لسبب,كان عبدالله محمد محبا لطلال وكان أستاذا له ,وقد لحن عبدالله محمد أغنية (كم تذكرته سويعات ألأصيل)وكنا وجدنا كلماتها منشورة في مجلة قافلة الزيت ,وكانت عزيزة على عبدالله محمد في تلك الفترة فتحت أبواب لبنان للفن الحجازي فكان عبدالله محمد هو السباق لإقامة حفلات في لبنان حتى أنه غنى في كازينو لبنان الشهير وكنت معه في تلك الفترة اشتهر طلال وأصبح هو المنافس الوحيد لأستاذه عبدالله محمد وغنى طلال أغاني عبدالله محمد ولم يعارض رغم أنه نسبها لنفسه ولكن حين نسب (سويعات الأصيل )لنفسه جن عبدالله محمد وحاولنا التقريب بينه وبين طلال وطلال كعبدالله محمد في جميع صفاته الحسنة ولكن رفض الرضوخ حتى لا يكذب نفسه وقد سجلها على اسطوانة وكتب أنها من ألحانه ,ولما لم يعد هناك مجال للإصلاح اقترحنا على عبدالله محمد رفع دعوى الى وزارة الإعلام وكنت أنا ومعي مجموعة ليس من حقي ذكر أسمائهم كنا من شهد في وزارة الإعلام بأحقية عبدالله محمد بالأغنية فصدر أمر تعويض لعبدالله محمد وأعترف طلال فكلاهما طيب النفس وعادت المياه الى مجاريها ,ألهب عبدالله محمد صيف لبنان سنوات بصوته الجميل وأغنياته الرائعة والتي أتمنى على الفنانين ألآن إحياؤها ومنها (ثلاث ليالي يابو قلب خالي)(حيران وليا سنه من هجر باهي السنة)(إيه بس إيه ذنبي يا سمر لحظك بحبك رماني )وقد غنى له محمد عبده والذي سيكون له ولطلال وفوزي محسون وعمر كدرس وغازي علي ويوسف محمد وعبدالله مرشدي وفرج مبروك ,وجميل محمود ,وغيرهم من القمم حديث مستقل عن كل واحد منهم ,قلت غنى له محمد عبده أغنية(هيجت ذكراك حبي )ولقد لحنها عبدالله محمد وكنت أنا وهو في الرياض في(كوفنكو)إسألوا عن (كوفنكو)عند عبدالرحمن سميح وعبدالعزيز زين العابدين .
أتمنى أن يعود فن عبدالله محمد للساحة مرة أخرى وعلى يد فنان أصيل درس الفن على ان يخرج موسيقيا ويوزع هرمونيا والكترونيا على احدث الطرق ويحفظ حق عبدالله محمد لبنتيه رحم الله عبدالله محمد رحمة واسعة لقد لزم المسجد وأتجه الى الله بكليته وما عرفت عن ذلك الرجل ويشهد علي الله ما عرفت عنه إلا كل خير وأحسبه وأحتسبه عند الله من المقبولين فقد عاش كريما ومات كريما دخل الدنيا وخرج منها لم يسئ لأحد قط وكان يعيش كما قال الشاعر (وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى وفارق ولكن بالتي هي أحسن )إن من أصدقاء عبدالله محمد الأوفياء الأخ خالد إسماعيل ,كما أن محمد عبده له يد تذكر فتشكر وقد أوردت عن بداية حياة عبدالله محمد في أول ما كتبت ولوكان هناك جهد لكان يستحق كتابا خاصا عن حياته لاسيما وأني عايشته .
ولا ينبئك عن خلق الليالي ***** كمن فقد الأحبة والصحابا
ومن يغتر بالدنيا فإني...***** لبست بها فأبليت الثيابا
وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
كوكوكوكو

الطرب الحجازي/12


الطرب الحجازي/12
انتهيت في الحلقة السابقة الى أن "البيه"طارق وقف أمام غرفة عن يمينه وغرفة عن شماله ,دخل الغرفة التي عن يمينه وشاهد الجواهر الحرة وهو بها عليم ,مد يده لاستخراج جوهرة ولكنه ما استخلصها وأزال عنها ما علق بها الا وهو مجهد فخرج (بالمجرور الشهير ,عند بن عباس)أخرج تلك الجوهرة ورصع بها "خنصره"ولكنها أجهدت ولما عاد ورأى الغرفة الثانية وهي تخطف الأبصار والحصول على موجودها سهل ميسور ولكنه كبرق خلب اختطف منها (أبكي على ما جرا لي ياهلي)ثم تبعها ب(يا ناعس الجفن)ولكنه نصب نفسه انبراطورا على الطرب وهو الذكي اللوذعي عرف أن عبدالله محمد هو من يمكن أن ينا فسه فطواه أوكما نقول في الحجاز(حطه تحت باطه)وكما أسلفت ,عبدالله محمد فنان بالسليقة يملك حنجرة تتكامل فيها جميع درجات السلم الموسيقي جهوري الصوت عذبه سليقي التلوين مبدع (العرب)بضم العين,ماكان يحتاج الى مايكرفون وقد كانت نادرة ولم تكن هناك الكترونيات الصوت والتي تجعل من صاحب وصاحبة أنكر الأصوات عندليبا (حتى صدق المثل الذي يقول(لبس الخشبة تبقى عجبه)ضمن طارق تحجيم عبدالله محمد وأحكم الدائرة على الفن ولكن هناك من هم خارج الدائرة ولكنهم ليسوا على قدر المنافسة ثم برز الشريف عبدالله جعفر ألمرشدي وهو والله قرة عيني بكيت عند وفاته برز في العزف على العود وسأفرد له حلقة خاصة ,أحس طارق أنه قد ينافس فطواه كما طوي عبده ووضعه تحت الباط الثاني ,بقي خارج الدائرة من لا أنتقص من قيمتهم ولكنهم لا يرقون الى درجة منافسة طارق ,ولكن بدأت تنبت شجيرات ويشتد عودها ولم يعرها طارق اهتمام وبقي طارق هو الساحة ولكن علينا الا ننسى السابقون ومن بقي منهم فمكانتهم لم تهتز ولكن البرق الخلب لفت الانتباه و انتشر المذياع ولم يعد من المحرمات وكذا (شنطة الغنى),والأسطوانات إبرة ,نص ,وربع وتحول الى البك أب والذي لا يحتاج الى تغيير الإبرة ولا تعبئة الزنبرك وانطلقت الأسطوانات(ألدسك حاليا)وسر تسميتها اسطوانة لأنها أول ما اخترعت كانت على شكل اسطواني ,لن أأرخ لها وقد أكتب عن تطورها ,الفرقة الموسيقية المصرية بمدرسة الموسيقى أقيم حفل على سطح الضيافة العسكرية في الطائف وكان الحال بيننا وبين مصر (مش ولا بد وزيادة)والردح شغال من هنا وهناك وكان منلوجست يسمى (أبوخداش)أراد أن يقول منولوج يمس القيادة المصرية فرفضت الفرقة العزف وهددوا بإنهاء عقودهم ولكنهم أصروا وانتهت عقودهم وغادروا , تقاعد البيه وهو زعيم (عميد)فأنسلخ عبدالله محمد وكونت فرقة الإذاعة وأنضم لها كلا من ثواب عبيد وعبده مزيد وعبدالله ماجد كعازفين ومحمد الريس كرئيس للفرقة ومعهم الفنان على باعشن ,لم يعد لطارق هناك جديد يذكر حتى أغنية (لنا الله)من الحان عبدالله محمد وأنا على ذلك من الشاهدين وحضرت تلحينها وكذا أغنية (عيني علينا )من كلمات محمد طلعت كان عبدالله محمد قليل الحظ كريم النفس يجود بنفسه وبماله وبفنه ,
أقول كيف أضاع طارق فرصة العمر والتي كانت ستخلده ,كان أمامه الفن الحجازي الأصيل مثل "الدانه"واليماني"والرودمان" والمجرور"والقصيمي"بزحلقة الصاد على الياء ولست أنوي إعطاء حصة قواعد وأشرح اللام المزحلقة ,فافهموها وريحوني,وكذا "الحدري"والفرعي"واللون الذي يغنيه الصديق القديم جدا (عاتق ألبلادي )نسيت اسم الطرق,لو قدر لطارق أن يركز على هذه الألوان ويعتني بها لاسيما وأن الإمكانات متوفرة له وصدق المتنبي:
ولم أر في عيوب الناس عيبا **** كنقص القادرين على التمام
أرمدت نار طارق ولكنه سيد الفن شئت ذلك أم أبيت وعندها أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

كوكوكوكو