الجمعة، 24 أكتوبر 2008

الطرب الحجازي/34


الطرب الحجازي/34

تقي نقي عصامي عظامي صلب هين لين رقيق رفيق مهذب مؤدب سمح خفيف الظل لطيف المعشر صادق العشرة "لا ينطق العوراء والقلب مغضب" عصرته الحياة عصرها قست عليه الليالي أبي النفس أنف حذق لبق
مخلصا محبا صاحب كلمة راعي مبدأ انساق له المال فمال عنه و أعطته الدنيا فأخذ منها قليل حاجته سكن الإيمان قلبه فلازمته السكينة.
عرفته تلميذا في الفيصلية الثانوية بوادي "وج"كان يسبقني في المستوى الدراسي كنت في السنة الأولى وكان في السنة الثالثة حين كانت الثانوية ست سنوات وما كان هناك متوسطة, كان يشتهر بأنه مقرئ الحفلات المدرسية كان يأسر الناس بخشوعه في التلاوة وعذوبة صوته وكنت أنا في فريق التمثيل والأناشيد. ترك المدرسة في تلك السنة لظروفه القاهرة,أقبل على الدنيا في اللحظة التي ودعت والدته الدنيا رحم الله موتانا, طلبته خالته من أبيه وكانت تعيش في الطائف متزوجة من علي مصري, كما روى لي كانت تشع حنانا حتى أنه يقسم أنه لم يشعر باليتم قط,تربى كان زوج خالته شديدا (لا أود الحديث عنه ) فقد أمرنا بذكر محاسن موتانا,بعد تركه للدراسة قصرا بدافع الحاجة توسط له أحد آل المارديني العائلة الكريمة في الطائف الذين إن ذكروا عطروا بذكرهم , توسطوا له عند العم "أنور بحري"وكان مديرا للبريد ذو شخصية بارزة وقيمة كبيرة في المجتمع فقد كان مدير البريد في ذالك الحين منصبا من أكبر المناصب, عمل في المبرقات وكانت تسمى "الترنق" وهي "المورس" شاء الله أن يكون البريد أمام بيتنا ثم انتقل الى بيتنا وهو بيت وقف لجدي وكان من البيوت الفخمة الشهيرة حتى أن الملك فيصل سكنه عند دخولهم الطائف ثم سكنه بعده أمير الطائف بن ابراهيم والد أمير الباحة رحم الله موتانا ثم سكنه أمير الطائف بعده عبدالعزيز بن معمر والد الزميل فهد محافظ الطائف, كان البريد ملاصقا لبيت سكنانا وكنت أقابله بحكم معرفتي به من المدرسة, كان يعمل في البريد الصديق عبدالرحمن خوندنة وهو عازف عود وأصبح صديقا له يجتمعون في بيت عبدالرحمن في شارع البخارية وكنت أنا أقضي وقتي بعد الدراسة في ورشة النجارة العائدة لأخي وبن عمي حمدان فلقد كنا أسرة كبيرة ونسكن جميعا في بيت واحد ونزيد على عشرين فردا و كان أبي رحمه الله ورحم جميع من أسلفت وجميع موتانا كان عميد الأسرة وكانت ورشة حمدان دار الطرب في الطائف فبعد صلاة العشاء يطبخ العشاء ويجتمع محبي الفن كأنما هم عصافير دارت نهارها متنقلة وأوت لتلك الشجرة ,كان مع الفن تجد الأدباء والشعراء والعلماء وأهل المهن وكبار المسؤولين ,لقد كان الناس إذا اجتمعوا رموا المقامات المجتمعية وراء ظهورهم واستلموا مقامات الترويح عن النفس ,
هناك تعلمت عزف الكمان وهناك عرفت كبار أهل الفن والعلم و الشعر وهناك زادت صلتي به توثقا,
كان في تلك الآونة يعتبر "البيه"طارق عبدالحكيم وقد خرج عبدالله محمد من تحت وصاية طارق وسكن الورشة وقد بدأ يشتهر و تعرف على صاحبي الذي أتحدث عنه وسقاه ما يملك من المعرفة وكان هناك محمد الريس عازف الكمان فتولى الأمر مع عبدالله محمد وقد كان الريس صديقا لزوج خالة صديقي و قد أنفلت من أسر البيه و تعاون الريس و عبدالله محمد ليخرجوا الجوهرة ويصقلوها لتقف في طريق البيه وكانت أكثر الاجتماعات تتم في الورشة أو في بيت علي مصري في أطراف وادي وج لقد فاتني أن أذكر صلة الحبيب طلال بالحبيب فؤاد زكريا فقد كان فؤاد أول من اخرج طلال للجمهور وكان ذلك في حفل زفاف أقيم بحي السلامة أمام منزل آل باناجة وكان طلال مطربا مرافقا لفؤاد وكان يرافقهم على الكمان الطيب وعلى الإيقاع (أبو محيا)العم يحي عشي رحمهم الله وحاولوا إشراكي ولكن خوفي من الوعيد من الأهل جعلني من السميعة إنما كنت أشاركهما العزف في أمسيات ورشة النجارة ولفؤاد المنة في تعريف الجمهور بطلال وأذكر ليلتها ان طلال صدح بما غنت الشحرورة صباح في تلك الفترة وهي أغنية(عل ععصفورية ***وصلني بإيده ولا رد عليه يا دللي)وقد كانت مع أغنيتها (زنوبة حلوه وخفه وحبوبة**شوبش يا حبايب **زنوبه **زنووووووووووووبه)والتي تحولت علينا الى سبه حيث استورد أحدهم "شباشب"أكرمكم الله وسماها "زنوبة"و كان ذلك أيام حرب اليمن فأطلق علينا اليمنيون لقب "زنوبة"وقد لا زمنا حتى دفعه الله وتغير الأحوال..,وخرج صاحبي في عام 1380 هجري في حفلة من الحفلات التي تقام للملك سعود وغنى أولى أغانيه (وردك يا زارع الورد) وقد عمل على تلحينها عبدالله محمد والريس وقد صاحبه الريس على الكمان وحامد فقيه على الإيقاع وكانت ليلة انطلاقه وشهرته.
أحسب أنكم عرفتموه؟إنه الحبيب أبو محمد طلال مداح,
توثقت صلتي بطلال فكنت أرافقه في جلسات خاصة وخاصة جدا , كان زوج عمته شديدا عليه وكان يستعبده ليستفيد منه و قد شحناه حتى خرج من ربقته ,في بداية التسعينات انطلقت (الأسطوانات بشكل واسع )وبدأ طلال يذهب الى لبنان لتسجيل الأغاني و إقامة الحفلات هناك وكذا كان عبدالله محمد وخرج البيه من المنافسة ولكنه يحظى بكل احترام من الجميع, بدأت المنافسة بين طلال وعبدالله محمد ولكنها بمحبة وكنت صديقا للطرفين و أشاركهما في جلسات خاصة جدا, كلا الاثنين كانا كريمين ما اهتما قط للمال وقد كسبا كثيرا ولكنهما كانا لا يهتمان لها حتى أنهما ما تركا بعدهما ثروة ولكن تركا اسما لا يمحى,
استمرت صداقتي مع طلال وقد انتقل الى جدة ولكن لم أنقطع عنه حتى غنا أغنية (كم تذكرته سويعات الأصيل) وسجلها على اسطوانة , وكتب أنها من ألحانه, وغضب عبدالله محمد وبدأت المشاكل بينهما ووقفت مع عبدالله محمد لأني كنت موجودا عندما لحنها وكان تلحينها في ورشة حمدان و كلماتها على ما أعتقد من مجلة قافلة الزيت التي كانت تصدر عن أرامكوا وكانت مدرسة, وصل الأمر الى أن حول لوزارة الإعلام للبت في قضيتهما وكانت لدينا أشرطة تسجيل لمسجل" قرندق ريل"كنا نسجل فيه كل ليالي السمر وكان من بين ما سجل عليه عبدالله محمد وهو يلحن هذه الأغنية , زودت عبدالله محمد بنسخة منه وشهدت وثبتت باسمه فانقطعت صلتي بطلال فترة طويلة وحجته أن كان يريدني أقف على الحياد ,مضى طلال في مشواره أنيقا رقيقا حتى تحول الطرب الى (بترو طرب)وصيغت كلمات حدد لها الحان ذات صبغة معينة وكان قد بدأ منافس سيكون هو صاحب الحلقة القادمة و تحول الطرب الى (حسك سمك لبن تمر هندي),
قابلت طلال بعد سنوات وأنا أعيش في الخرج وأصيف في الطائف قابلته ذات يوم وأنا أسير على قدمي بجوار فندق العزيزية و هو للعم عبدالقادر إدريس سائق الملك فيصل عندما كانا كلاهما شبابا ,قابلت طلال ولم أنتبه له وإذا بي أسمع صوتا يصيح(يا واد ......يا حلس)فالتفت فإذا به طلال ,تعانقنا و أخذت بيده وعلى بيتنا وطلب أن أرافقه لسهرة خاصة فأخبرته اني عزفت عن العزف واكتفيت بالسماع ووعدني أن يتناول الغداء عندي في اليوم التالي وفعلا جاء وقد جمعت له أخلص أصدقائنا وزملاء دراسة و تنا ولنا الغداء . وأحيينا ليلة في ورشة حمدان التي لم يحن فيها وترا منذ 25 عاما وكانت ليلة من أجمل الليالي, ودعته ولكن صلتي لم تنقطع به فكان يتصل بي إذا جاء الرياض وكنا نذهب لمكان هادئ نتذكر الأيام الخوالي,والله إن لي مع طلال ذكريات لو شئت لملأت بها مجلدات ولقد شاهدته رحمه الله وهو يهوي من على كرسيه على المنصة ليلقى ربه وكان ساعة إذ يروح عن الناس ترويحا بريئا.
رحم الله طلال كان قريبا من الخير محبا لله ورسوله لم يؤذ أحدا قط لا بلسانه ولا بيده له من الحسنات ما سيجدها أمامه وقد ناله من سفاه القوم ما ناله بغيا بغير علم ,ظلما و عدوانا ولكنها ستزيد إنشاء الله في حسناته وتزيدهم من سيئاته ,هنا أقف لأذكر زوجه الكريمة أم محمد شقيقة صديقي عبدا لكريم خزام فلقد كانت له الزوجة و الأم وكان دائما يحدثني عنها بخير وهو من الرجال الرجال الذين لا يذكرون العشير الا بخير و لا ينسون الفضل بينهم كان هو والصديق محمد الموجي من الأوفياء مع العشير فقد كان الصديق ألموجي يحلف برب أم أمين نعم العشرة ونعم النساء والرجال أمثال هؤلاء.
بلغني ان الابن عدنان خوخ وهو من عازفي القانون المجيدين ومن سهى علي ذكره بلغني أنه أعد رسالة عن طلال,أتمنى لو اطلعت عليها, أكرر رحم الله كل من أوردت اسمه ولقي ربه ورحمنا إذا صرنا الى ما صاروا إليه وكاد ألا يدرك شهرزاد الصباح فهذا كلام عزيز على النفس مباح ولكن ما ذنبي و قد صاح الديك
كوكوكوكو
________________________________________

هناك تعليق واحد:

قناة الرحمة يقول...

نحن أسرة مركز خدمة المدونين العرب نرحب بعضويتك لنا بالمركز وتستطيع الأن الكتابة ونشر مقالتك على المركز فى حرية تامة وسيتم تسجيل مدونتك فى الأعضاء الجدد فى صفحة العرض وضع انت بنر المركز لعضويتك لنا بالمدونة